يعدّ الاحتفال بالمولد النّبوي الشريف من أهم مظاهر الاعتراف بانتمائنا الديني الإسلامي في الأوساط العربيّة.

ولئن اختلفت طرق الاحتفال من بلد لأخر فإنّ ذكرى المولد النبوي الشريف له طابع خاصّ ومميّز في تونس، حيث تعيش مختلف الشوارع التونسيّة لأيّام على وقع التحضيرات لهذه المناسبة الدينيّة التي يقع خلالها تحضير "العصيدة"، فتشهد الأسواق حركيّة وتعرف محلات الفواكه الجافة إقبالا ملحوظا لاقتناء "الزقوقو" وفواكه الزينة من حلوى، بندق، فستق، بوفريوة وغيرها من المكسّرات.

ولعلّ أبرز العصائد التي لاقت شهرة كبيرة هي "عصيدة الزقوقو"، والتي تتفنّن ترّبة البيت في إعدادها وتزيينها قبل ليلة من يوم الاحتفال.

حيث تستغلّ مختلف العائلات يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لتبادل الزيارات وتبادل العصائد، كتهنئة لبعضهم البعض.

هذا وتسعى عديد العائلات إلى الاحتفال بالذكرى الدينيّة القيّمة هذهحسب العادة، كما يسمّيها البعض، أين يتمّ تحضير "العصيدة العربي" وفق السنة النّبويّة، إلى جانب "عصيدة الزقوقو".

حيث يختلف تناول العصائد في كامل تونس، على سبيل المثال، يخيّر أهالي الجنوب التونسي تناول العصيدة العربي التي يقع تزيينها وفق اختيارهم فنجدها مرشوشة السكر، البسيسة، الزيت الزيتونة، وهناك من يحبّذ تناول "العصيدة الحارة".

ولا يقتصر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على إعداد "العصيدة"، فبالتوازي مع انشغال الأمهات في المطابخ، تتزيّن المساجد وتفتح أبوابها لإستقبال الناس في ليلة يعلو فيها الذكر ومدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم لتتواصل المسامرات إلى حدود الفجر.

هذا وتعرف ولاية القيروان، التي تشهد حركيّة على قدم وساق استعدادا لسهرة المدح، فتزيّن الشوارع وتفرش الساحات وتفتح أبواب المساجد لاستقبال الزوار من مختلف الجهات والذين يختارون هذه العاصمة الإسلاميّة وجهة لهم لقضاء سهرة مميّزة. كما تعرف مختلف الولايات نفس الأجواء تقريبا على غرار ولاية تونس، نابل وقابس.

لكن الأجواء في صفاقس تكون مغايرة نوعا ما، فإلى جانب سهرة المدائح والأذكار، تعرف الجهة مسابقة تنشيطيّة يوم الاحتفال يتمّ خلالها إعداد أكبر "عصيدة مولد".

وللإشارة فإنّ مثل هذه التظاهرة الإسلامية تضفي حركة ديناميكيّة في تونس وتخلق أجواء من الفرحة بين التونسيين، كما تشهد البلاد حركية بين الولايات تخدم السياحة الداخلية تعرف من خلالها الأسواق انتعاشة اقتصادية.