إن أردنا تقييم الأيام والتواريخ، فإن تاريخ 14 فيفري يعدّ أكثر الأيام حظّا في تجميع سائر البشر حول الاحتفال بعيد الحب، هذا التاريخ المرتبط أساسا بتراجيديا شهدت على حيثياتها العصور الوسطى المتوسّطة.

ترجع تفاصيل الرواية إلى بطلها الشهير شهيد الحب، القديس فالنتين. هذا القديس المتمرّد على قواعد الكنيسة، حيث تعمّد تزويج المسيحيين العشّاق خلسة، تجاوزا لقرار إمبراطور الروم أوريليان.

فقد كان المسيحيون يعيشون الاضطهاد على يد الإمبراطور الروماني الذي أصدر فجأة أوامر لكافة المسيحيين بعدم الزواج، والغاية من ذلك رصّ صفوف الجيوش وتزايد عدد الجنود لإرسالهم للحرب.

غير أنّ فالتين، عارض هذا القرار فتمّ زجّه بالسجن، قرار جائر أتاح الفرصة للقديس للتعرّف على ابنة السجان، وهي فتاة كفيفة، أحبّها كثيرا، وساعدها على العلاج ليعود بصرها، وقد نجح في ذلك.

فرحة دفعت به للتعبير عن حبّه، وبعث رسالة لحبيبته تحمل توقيعه، إلاّ أنّ أمره كشف، وبلغ إمبراطور الروم الذي غضب لتمرّده وقرّر إعدامه بتاريخ 14 فيفري. التاريخ الذي حدّده المسيحيون أنذاك بأن يكون موعدا لإحياء ذكرى شهيد الحب، القديس فالنتين، والاحتفال بهذه المناسبة الرومانسية وفاءا لروحه.

ومنذ ذلك اليوم، وبمرور الزمن أصبح عيد الحب مناسبة عالمية يحتفل بها سائر البشر. مناسبة يصعد خلالها اللون الأحمر البوديوم ويكون سيّد الألوان في يوم مميّز تبعث فيه الورود وبطاقالت المعايدات.

إلاّ أنّ الاحتفال بعيد الحبّ اتخذ صبغة تجارية، حيث تجاوزت المناسبة تبادل الورود والبطاقات، لتتحول طرق التعبير إلى هدايا أخرى تحمل في طياتها دلالات الحبّ والمشاعر النقيّة.

ففي الولايات المتحدّة، وإلى جانب الورود وبطاقات المعايدة، نجد قوالب الشكلاطة التي يراها الأمريكيّون أكثر دلاله للرومانسية. أمّا الإيطاليون طوروا من وجهة نظر الأمريكيين، وخيروا إضافة عبارات الحب لعلب الشكلاطة دون التغافل عن تقديم الزهور، خلال تناول العشاء. غير أنّ الفرنسيين قرّروا الحفاظ على أصول الإحتفال بتبادل البطاقات والورود الحمراء.

لكن كسر القاعدة لمسناه في الدنماركيين الذي استبدلوا الورود الحمراء بالبيضاء والغاية من ذلك نشر السلام. في حين كان الاختلاف في لدى الرجال في أستراليا من خلال تقديم أكثر هدايا من النساء.

والملفت للإنتباه هو طريقة احتفال اليابانيين بهذه المناسبة، حيث تقوم النساء بتوزيع الشكلاطة على الأصدقاء والأحباب، غير أنّ الرجل لا يردّ الهدية قبل مرور شهر من موعد عيد الحب.

والجدير بالذكر أنّ الاختلاف بعيد الحب لم يشمل فقط الهدايا، بل شمل أيضا التسمية في حدّ ذاتها. ففي السويد مثلا يطلق على هذا التاريخ بيوم كلّ القلوب، في حين إختار شعب فلندا بتسمية هذه المناسبة يوم الصديق.

ولعلّ هذا ما أخرج مناسبة عيد الحب عن سياقها، للتجاوز احتفال الحبيبين وتشمل الأصدقاء والأحباء وأفراد العائلة، فعلى سبيل المثال تعبّر الأم عن حبها لأبنائها في حين يقتني الأبناء هدايا لوالديهم. ويكون بذلك يوما عالميّا للتعبير عن مشاعرنا الصادقة لأقرب الأشخاص في حياتنا.

غير أنّ الاحتفال بعيد الحب، أبرز اختلاف العرب في تقييم المناسبة، حيث احتسبها البعض نابعة من الغرب ولا يمكن الاقتياد بها، في حين يراها آخرون مناسبة رمزية لتقارب الناس بين بعضهم البعض، وهو ما دفعهم للحفاظ على دلالتها ورمزيتها بتقديم الورود والقوالب الحلوى مع اختيار الهدايا المناسبة.